خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023م : الحمد في القرآن والسنة للدكتور مسعود عرابي
خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023م بعنوان : الحمد في القرآن والسنة للدكتور مسعود عرابي، بتاريخ 17 محرم 1445هـ ، الموافق 4 أغسطس 2023م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023م بصيغة word بعنوان : الحمد في القرآن والسنة ، للدكتور مسعود عرابي
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023م بصيغة pdf بعنوان : الحمد في القرآن والسنة ، للدكتور مسعود عرابي
عناصر خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023م ، بعنوان : الحمد في القرآن والسنة ، للدكتور مسعود عرابي.
- افتتاحُ كتابِ اللهِ تعالى بالحمدِ دليلٌ على عظمتِه.
- الحمدُ مِن الواجباتِ الشرعيةِ التي لا اختيارَ فيها للعبدِ.
- مِن فضائلِ الحمدِ والثناءِ جلبُ المزيدِ مِن العطاءِ.
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023م ، بعنوان : الحمد في القرآن والسنة ، للدكتور مسعود عرابي ، كما يلي:
الحَمْــدُ في القرآنِ الكريمِ والسنةِ النبويةِ المطهرةِ
الْحَمدُ للهِ الَّذِي نشرَ للْعُلَمَاءِ أعلامًا، وَثَبَّتَ لَهُم على الصِّرَاطِ الْمُسْتَقيمِ أقدامًا، وَجعلَ مقَامَ الْعلمِ به أَعلَى مقَام، وَفَضَّلَ الْعلمَاءَ بِإِقَامَةِ الْحُجَجِ الدِّينِيَّةِ وَمَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ، وأَوْدعَ العارفينَ لطائفَ سرِّه فَهُم أهلُ المحاضرةِ والإلهامِ، ووفَّقَ العاملين لخدمتِهِ فهجرُوا لذيذَ الْمَنَام، أَحْمَدُه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى على جزيلِ العطاءِ وعظيمِ الجزاءِ ووافرِ الإنعامِ.
وَأشْهد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللهُ وَحدَهُ لَا شريكَ لَهُ، الْملكُ العلامُ، الهادِي إلى دينِ الإسلامِ والداعِي إلى دارِ السلامِ كاشفُ الكُرَبِ ومُذْهبُ الأسقامِ، بيدِه الشفاءُ وعندَهُ الدواءُ، وَأشْهدُ أَنَّ سيدنَا وَنَبِينَا مُحَمَّدًا عَبدُاللهِ وَرَسُولُهُ، وَصفيُّهُ مِن خلقِهِ وخليلُهُ إ،مَامُ كلِّ إِمَام.
عناصـــر الخطبة:
- افتتاحُ كتابِ اللهِ تعالى بالحمدِ دليلٌ على عظمتِه.
- الحمدُ مِن الواجباتِ الشرعيةِ التي لا اختيارَ فيها للعبدِ.
- مِن فضائلِ الحمدِ والثناءِ جلبُ المزيدِ مِن العطاءِ.
العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023م
أولاً: افتتاحُ كتابِ اللهِ تعالَى بالحمدِ دليلٌ على عظمتِه.
كتابُ اللهِ تعالى، هو العطاءُ الذي لا ينفدُ، والنعيمُ الذي لا يزولُ، وفضلُ اللهِ الذي لا ينقطعُ عن الخلقِ، فهو خيرُ كتابٍ أنزلَ على خيرِ نبيٍّ أُرسلَ لخيرِ أُمةٍ أخرجتْ للناسِ، وهو الضياءُ والنورُ، والفسحةُ والسرورُ، والشفاءُ لِمَا في الصدورِ، وافتتاحُ اللهِ تعالى كتابَهُ بالحمدِ يشعرُ بعظمةِ قدرِهِ، وعلوِّ شأنِهِ، قالَ تعالَى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾. [ الفاتحة، 2 ].
والحمدُ: هو الثناءُ الجميلُ على الجليلِ، بمَا أجزلَ مِن العطاءِ على البشريةِ جمعاء، وهو ثناءٌ تفردَ بهِ الخالقُ دونَ الخلقِ. فأثنَى سبحانَهُ بالحمدِ على نفسِه، وافتتحَ كتابَهُ بالحمدِ، ولم يأذنْ في ذلك لغيرِهِ، فهو أهلُ الثناءِ والمجدِ، ويستقبحُ مِن المخلوقِ الذي لم يُعطَ الكمالَ أنْ يحمدَ نفسَهُ بمَا يُحمدُ بهِ صاحبُ الجلالِ والكمالِ. ولَمّا علمَ سبحانَهُ وتعالى عجزَ عبادِهِ عن الحمدِ، حمدَ نفسَهُ بنفسِهِ، قبلَ أنْ يحمدَهُ أحدٌ مِن خلقِه، وأثنَى على نفسِهِ بنفسِهِ قبلَ أنْ يثنِي عليهِ أحدٌ، فحَمْدُ اللهِ تعالَى لنفسِه لم يكنْ مِن أجلِ علةٍ، وحَمْدُ العبادِ مليءٌ بالعللِ. [ تفسير القرطبي ].
وللعلماءِ كلامٌ في معنَى الحمدِ والشكرِ، فمنهُم مَن قالَ: معناهمَا واحدٌ. ومنهم مَن قالَ: أنَّ الشكرَ أعمُّ مِن الحمدِ؛ لأنَّ الشكرَ يكونُ باللسانِ وبالجوارحِ وبالقلبِ، والحمدُ إنَّمَا يكونُ باللسانِ خاصةً. ومنهم مَن قال: الحمدُ أعمُّ مِن الشكرِ، لأنَّ الحمدَ يوضعُ موضعَ الشكرِ، ولا يوضعُ الشكرُ موضعَ الحمدِ. قالَ عبدُ اللهِ بنُ عباسٍ رضي الله عنه: « الحمدُ للهِ كلمةُ كلِّ شاكرٍ». وعبّرَ بها الأنبياءُ والمرسلون عن الاعترافِ بالجميلِ لربِّ العالمين، وهي أولُ كلمةٍ نطقَ بهَا آدمُ عليه السلامُ، فعند الترمذِي وابنِ حبانٍ وغيرِهِمَا، أنَّ رسولَ اللهِ ﷺ: « لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِ اللَّهِ، فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ: يَرْحَمُكَ رَبُّكَ يَا آدَمُ … ».
ونطقَ بالحمدِ إبراهيمُ ـــ عليه السلامُ ـــ عندمَا بُشِّرَ بالغلامِ، قال اللهُ تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعاءِ ﴾. [ إبراهيم، 39 ].
وداودُ وسليمانُ عندمَا علمَا باصطفاءِ وتفضيلِ اللهُ لهمَا، قالَ تعالَى: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ وَسُلَيْمانَ عِلْماً وَقالا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنا عَلى كَثِيرٍ مِنْ عِبادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾. [ النمل، 15 ].
وأهلُ الجنةِ نطقُوا بها، عندما أسكنَهُم ربُّنَا دارَ النعيمِ، ونجّاهُم بفضلِه مِن عذابِ الجحيمِ، قالَ تعالَى: ﴿ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾. [ فاطر، 34 ]. فالحمدُ كلمةُ كلِّ شاكرٍ. وهو ثناءٌ على الممدوحِ بصفاتِه مِن غيرِ سبقِ إحسانٍ، والشكرُ ثناءٌ على المشكورِ بمَا أولَى مِن الإحسانِ، قال شقيقُ البلخِي في تفسيرِها: الحمدُ على ثلاثةِ أوجهٍ: أولُهَا: إذا أعطاكَ اللهُ شيئًا تعرفُ مَن أعطاكَ. والثانِي: أنْ ترضَى بمَا أعطاكَ. والثالثُ: ما دامتْ قوتُهُ في جسدِكَ ألا تعصِيه. [ تفسير القرطبي ].
العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023م
ثانيـًا: الحمدُ مِن الواجباتِ الشرعيةِ التي لا اختيارَ فيها للعبدِ.
مِن كمالِ الفضائلِ وجوامعِ النعمِ التي أتمَّهَا اللهُ تعالَى على خلقِه أنَّهُ لم يكلفْهُم بأنْ يُؤدُّوا لهَ مقابلَ هذه النعمِ، إذ لو كلفَهُم بذلك لعجزُوا، ولمنعَهَا عنهم حتى يُؤدُّوا لحُرمُوا، لكن فضلُهُ على الخلقِ أعظمُ مِن أنْ يُنسَى ونعمُهُ أكثرُ مِن أنْ تُعدّ وتحصَى، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾. [ النحل، 18].
أي: أنَّ نعمَ اللهِ تعالى مِن الكثرةِ ما تجعلُ البشرَ يعجزونَ عن عدِّهَا وحصرِهَا، ولا يطيقُون شكرَهَا، ومع ذلك فهو سبحانَهُ غفورٌ رحيمٌ، يتجاوزُ عن تقصيرِهِم في أداءِ الشكرِ، ولا يقطعُ عنهم النعمَ للتفريطِ، ولا يعجلُ بالعقوبةِ على كفرانِ هذه النعمِ والعطايَا. [ تفسير الزمخشري ].
ومِن تمامِ النعمِ، وكمالِ الفضائلِ، أنَّه جعلَ للشكرِ على النعمِ ميزتَان، الأولى: أنَّ العبدَ بالشكرِ والثناءِ يُؤدِّي واجبَهُ تجاهَ النعمِ، ويضمنُ بقاءَهَا. والثاني: أنّهُ يستجلبُ بالشكرِ والثناءِ المزيدَ مِن المنحِ والعطايَا، قالَ تعالَى: ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾. [ النحل، 18].
فالنعمُ التي تتدفقُ على العبدِ تستوجبُ الشكرَ، والحمدُ كلمةُ كلِّ شاكرٍ، ومِن النعمِ التي أبرزَهَا
رسولُ اللهِ ﷺ ، ووجَّهَ أمتَهُ إلى أداءِ شكرِهَا، هي نعمةُ انقيادِ الجسمِ لصاحبِهِ، وانسيابِ حركتِهِ، وطواعيتِهِ له وهو لا يعلمُ مصدرَ الإمدادِ والحركةِ، ففي الصحيحين مِن حديثِ أبي هريرةَ رضي اللهُ عنه، قال: قال رسولُ اللهِ ﷺ: « كُلُّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ ». قَالَ: « تَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ تَمْشِيهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ، وَتُمِيطُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ ».
يعنى: كلُّ مفصلٍ في جسمِ الإنسانِ عليه صدقةٌ للهِ مِن فعلِ الطاعةِ والخيرِ كلَّ يومٍ، إذ كلُّ موضعِ شعرةٍ فمَا فوقهَا مِن جسدِ الإنسانِ عليهِ فيهِ نعمةٌ للهِ، يلزمهُ شكرَهَا والاعترافَ بهَا، حيثُ خلقَهُ صحيحًا يتصرفُ في منافعِهِ وإرادتِهِ، ولم يجعلْ في ذلك الموضعِ داءً يمنعهُ ألمُهُ مِن استعمالِهِ والانتفاعِ بهِ. وسميتْ طاعةُ اللهِ مِن صلاةٍ وغيرِهَا صدقةً؛ لأنَّه كان للهِ أنْ يفترضَ على عبادِه ما شاءَ مِن الأعمالِ دونَ أجرٍ يأجرُهُم عليها، ولا ثوابَ فيها، ولكنَّهُ برحمتِه تفضلَ علينَا بالأجرِ والثوابِ على ما فرضَهُ، فلمَّا كانَ لأفعالِنَا أجرٌ، فكأنّنَا نحن ابتدأَنَا بالعملِ، فاستحقَقْنَا الأجرَ، فشابَهَ بهِ الصدقةُ، وفيهِ أنَّ العدلَ بينَ الناسِ مِن الأعمالِ المرجوِّ قبولَهَا. [ شرح صحيح البخاري لابن بطال].
ثم دلَّ رسولُ اللهِ ﷺ أمتَهُ على نعمِ اللهِ في أنفسِهِم، وأنَّ سهولةَ الحركةِ إنّمَا هي مِن عطاءِ اللهِ، الذي يستوجبُ الشكرَ، فقد سخّرَ سبحانَهُ وتعالَى للإنسانِ فيها جيشًا مِن المفاصلِ، جُنِّدُوا ليستمتعَ بهذه النعمةِ، وتنقادَ لك وتأتمرَ بأمرِكَ، فعندَ مسلمٍ مِن حديثِ أُمِّنَا عائشةَ ـــ رضي اللهُ عنها ـــ قالت: قال رسولُ اللهَ ﷺ: « إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمِائَةِ مَفْصِلٍ، فَمَنْ كَبَّرَ اللهَ، وَحَمِدَ اللهَ، وَهَلَّلَ اللهَ، وَسَبَّحَ اللهَ، وَاسْتَغْفَرَ اللهَ، وَعَزَلَ حَجَرًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، أَوْ شَوْكَةً أَوْ عَظْمًا عَنْ طَرِيقِ النَّاسِ، وَأَمَرَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهَى عَنْ مُنْكَرٍ، عَدَدَ تِلْكَ السِّتِّينَ وَالثَّلَاثِمِائَةِ السُّلَامَى، فَإِنَّهُ يَمْشِي يَوْمَئِذٍ وَقَدْ زَحْزَحَ نَفْسَهُ عَنِ النَّارِ ». هذه واحدةٌ مِن النعمِ، فمَا بالُكَ بعملِ سائرِ الأجزاءِ، والنعمِ والعطاءِ، ومنحةِ الصبرِ على البلاءِ، فعطاءُهُ عطاءٌ، ومنعُهُ عطاءٌ، وكلٌّ يستلزمُ الحمدَ والثناءَ.
العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 4 أغسطس 2023م
ثالثـًا: مِن فضائلِ الحمدِ والثناءِ جلبُ المزيدِ مِن العطاءِ.
للحمدِ والمداومةِ عليهِ العديدُ مِن الفضائلِ، مِن أجلِّهَا، أنّهُ يورثُ رضى اللهِ تعالى عن العبدِ، ويجنبُهُ الحرمانَ مِن النعمةِ، ومِن واجبِنَا أنْ نقدمَ الحمدَ والثناءَ لمَن أحسنَ إلينَا، ومتى اعترفَ العبدُ بالفضلِ لربِّ العالمين استوجبَ الرضَا، والرضَا هو أنْ يأمنَ العبدُ العقابَ، ويضاعفَ لهُ الثواب، وتُفتحُ له كلُّ الأبوابِ، فعندَ مسلمٍ مِن حديثِ أنسِ بنِ مالكٍ رضى اللهُ عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: « إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ».
وعلى الحامدِ أنْ يكونَ حمدُهُ بلفظٍ يغلبُ عليهِ أنَّه جامعٌ للمحامدِ، ففي الصحيحينِ مِن حديثِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِيِّ، قَالَ: « كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ ﷺ فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: « مَنِ المُتَكَلِّمُ » قَالَ: أَنَا، قَالَ: « رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ ». وما كان ذلك إلّا لمكانةِ الحمدِ والثناءِ عندَ اللهِ تعالى، فعددٌ ليس بالقليلِ مِن الملائكةِ يتبادرُون كتابةَ ثوابِ الحمدِ، وما الحمدُ إلّا اعترافٌ بالفضلِ لصاحبِه، فيا لَهُ مِن إلهٍ كريمٍ يُعطِي الجزاءَ والأجرَ العظيمَ على الفعلِ القليلِ، بل العجبُ هو حركاتُ أحرفٍ يجريهَا المرءُ على لسانِه تتحركُ لهَا ملائكةُ الرحمنِ، وتنزلُ مِن السماءِ لينالَ كلُّ ملكٍ شرفَ مبادرةِ كتابةِ هذا الثوابِ، وليس هذا فحسب، بل تعدَّى ثوابُ الحمدِ أكثرَ مِن هذا، فقد ذكرَ رسولُ اللهِ ﷺ أنَّ مَن حمدَ اللهَ تعالى وشكرَهُ حينَ يصبحُ وحينَ يمسِى فقد أدَّى شكرَ يومِه وليلتِه، ومَن شكرَ اللهَ على نعمِه وعدَهُ المزيدَ مِن فضلِه، فقالَ ﷺ: « مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ، وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ، وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ ». [ سنن أبو داود ].
فالحمدُ مِن العلاماتِ البارزةِ في شريعةِ الإسلامِ، ومِن الكلماتِ التي يجزلُ عليها العطاءُ، ويضاعفُ لها الجزاءُ، فقد افتتحَ بهَا ربُّنَا كتابَه بالحمدِ، وأثنَى بها على نفسِه، وأولُ كلمةٍ نطقَ بها أبو البشريةِ آدمُ عليه السلامُ، فأكثرُوا عبادَ اللهِ مِن الحمدِ والثناءِ، واعلمُوا أنّ اللهَ يذكرُ مَن ذكرَهُ، ويحفظُ النعمةَ ويُعطِي الكثيرَ لِمَن شكرَهُ، فاشغِلُوا أوقاتَكُم وألسنتَكُم بحمدِ ربِّكُم لتنالُوا ما عندَ اللهِ تعالى، وما عندَ اللهِ خيرٌ وأبقَى.
اللهُمَّ أعنَّا على ذكرِكَ وشكرِكَ وحسنِ عبادتِكَ، اللهُمَّ اجعلنَا مِن عبادِكَ الحامدين الشاكرين، لنعمِكَ مستحقين، ولجنتِكَ داخلين، وعن نارِكَ مزحزحين .. اللهم آمين!
بقلم/ مسعود عرابي … مدرس الفقه المقارن بجامعة الأزهر.
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف